Monday, July 5, 2010

Surat 3 Syeikh Muhammad bin Abdul Wahhab kepada Muhammad bin Eid

ص -24- -3– الرسالة الثالثة: ومنها: رسالة أرسلها إلى محمد بن عيد، من مطاوعة ثرمدا، قال فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد بن عبد الوهاب، إلى محمد بن عباد، وفقنا الله وإياه لما يحبه ويرضاه.

وبعد، وصل الكراس، وتذكرون أن الحق إن بان لكم اتبعتم، وفيه كلام غير هذا يسر الخاطر من طرفك خاصة بسبب أن لك عقلاً. والثانية أن لك عرضاً تشح به. والثالثة: أن الظن فيك: إن بان لك الحق أنك ما تبيعه بالزهايد.

فأما تقريركم أول الكلام: أن الإسلام خمس، كأعضاء الوضوء، وأنكم تعرفون كلام الله وكلام رسوله وإجماع العلماء، أن له نواقض كنواقض الوضوء الثمانية، منها: اعتقاد القلب، وإن لم يعمل أو يتكلم، يعني: إذا اعتقد خلاف ما علّمه الرسول أمته بعد ما تبين له. ومنها: كلام باللسان، وإن لم يعمل ولم يعتقد. ومنها عمل بالجوارح، وإن لم يعتقد ويتكلم. ولكن، من أظهر الإسلام، وظننا أنه أتى بناقض، لا نكفّره بالظن، لأن اليقين لا يعرفه بالظن 1. وكذلك لا نكفّر من لا نعرف منه الكفر، بسبب ناقض ذُكر عنه ونحن لم نتحققه.

وما قررتم: هو الصواب الذي يجب على كل مسلم اعتقاده والتزامه، ولكن قبل الكلام، اعلم أني عُرفت بأربع مسائل:

الأولى: بيان التوحيد، مع أنه لم يطرق آذان أكثر الناس.

الثانية: بيان الشرك، ولو كان في كلام من ينتسب إلى العلم 2 أو عبادة،



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 في المصوّرة: لا يرفع بالظن.

2 في المصوّرة: إلى علم.







ص -25- من دعوة غير الله، أو قصده بشيء من العبادة، ولو زعم أنهم يريدون أنهم شفعاء عند الله؛ مع أن أكثر الناس يظن أن هذا من أفضل القربات، كما ذكرتم عن العلماء أنهم يذكرون أنه قد وقع في زمانهم.

الثالثة: تكفير من بان له أن التوحيد هو دين الله ورسوله، ثم أبغضه ونفّر الناس عنه، وجاهد من صدق الرسول فيه، ومن عرف الشرك وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بُعث بإنكاره، وأقر بذلك ليلاً ونهاراً، ثم مدحه وحسّنه للناس، وزعم أن أهله لا يخطئون لأنهم السواد الأعظم.

وأما ما ذكر الأعداء عني: أني أكفّر بالظن، وبالموالاة، أو أكفّر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله.

الرابعة: الأمر بقتال هؤلاء خاصة، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.

فلما اشتهر عني هؤلاء الأربع، صدقني من يدعي أنه من العلماء في جميع البلدان، في التوحيد وفي نفي الشرك، وردَّوا عليَّ التكفير والقتال. إذا تحققت ما ذكرت لك، انبنى الجواب على ما ذكرتم في أول الأوراق، من إقراركم بمعرفة نواقض الإسلام بإجماع العلماء، بشرط أنكم لا تكفّرون بالظن، ولا من لا تعرفون، فنقول: من المعلوم عند الخاص والعام، ما عليه البوادي أو أكثرهم، فإن كابر معاند لم يقدر على أن يقول: إن عنَزة وآل ظفير وأمثالهم كلهم مشاهير، هم والأتباع إنهم مقرون بالبعث ولا يشكّون فيه، ولا يقدر أن يقول: إنهم يقولون: إن كتاب الله عند الحضر وأنهم عانقوه 1 ومتبعون ما أحدث آباؤهم مما يسمونه الحق، ويفضلونه على شريعة الله. فإن كان للوضـوء ثمـانية نواقض،



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 في المخطوطة والمصورة: (عايفينه).







ص -26- ففيهم من نواقض الإسلام أكثر من المائة ناقض. فلما بينت ما صرحت به آيات التنْزيل، وعلّمه الرسول أمته، وأجمع عليه العلماء: من 1 أنكر البعث أو شك فيه، أو سب الشرع، أو سب الأذان إذا سمعه، أو فضل فراضة الطاغوت على حكم الله، أو سب من زعم أن المرأة ترث، أو أن الإنسان لا يؤخذ في القتل بجريرة أبيه وابنه، إنه كافر مرتد، قال علماؤكم: معلوم أن هذا حال البوادي، لا ننكره، ولكن يقولون: "لا إله إلا الله"، وهي تحميهم من الكفر، ولو فعلوا كل ذلك. ومعلوم أن هؤلاء أولى وأظهر من يدخل في تقريركم، فلما أظهرتُ تصديق الرسول فيما جاء به، سبوني غاية المسبة، وزعموا أني أكفّر أهل الإسلام وأستحل أموالهم، وصرحوا أنه لا يوجد في جزيرتنا رجل واحد كافر، وأن البوادي يفعلون من النواقض مع علمهم أن دين الرسول عند الحضر، وجحدوا كفرهم. وأنتم تذكرون أن مَن رد شيئاً مما جاء به الرسول بعد معرفته، أنه كافر.

فإذا كان المويس وابن إسماعيل والعديلي وابن عباد وجميع أتباعهم كلهم على هذا، فقد صرحتم غاية التصريح أنهم كفار مرتدون، وإن ادّعى مدّع أنهم يكفّرونهم، أو ادّعى أن جميع البادية لم يتحقق من أحد منهم من النواقض شيئاً، أو ادّعى أنهم لا يعرفون أن دين الرسول خلاف ما هم عليه؛ فهذا كمن ادّعى أن ابن سليمان وسويد وابن دواس وأمثالهم عباد زهاد فقراء، ما شاخوا في بلد قط. ومن ادعى هذا فأسقط الكلام معه.

ونقـول ثانياً: إذا كانوا أكثر من عشرين سنة، يقرون ليلاً ونهارا سراً وجهاراً، أن التوحيد الذي أظهر هذا الرجل هو دين الله ورسوله، لكن الناس لا يطيعوننا، وأن الذي أنكره هو الشرك وهو صادق في إنكاره،



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 في المصوّرة: (أن من).







ص -27- ولكن لو يسلم من التكفير والقتال كان على حق. هذا كلامهم على رؤوس الأشهاد. ثم مع هذا، يعادون التوحيد ومن مال إليه، العداوة التي تعرف، ولو لم يكفِّر ويقاتل، وينصرون الشرك نصره الذي تعرف، مع إقرارهم بأنه شرك، مثل كون المويس وخواص أصحابه ركبوا وتركوا أهليهم وأموالهم إلى أهل قبة الكواز وقبة رجب سنة 1، يقولون: إنه قد أخرج من ينكر قببكم وما أنتم عليه، وقد أحل دماءهم وأموالهم. وكذلك ابن إسماعيل وابن ربيعة والمويس أيضاً، بعدهم بسنة، رحلوا إلى أهل قبة أبي طالب، وأغروهم بمن صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وأحلوا دماءنا وأموالنا حتى جرى على الناس ما تعرف، مع أن كثيراً منهم لم يكفر ولم يقاتل. وقررتم أن من خالف الرسول في عشر معشار هذا، ولو بكلمة، أو عقيدة قلب، أو فعل، فهو كافر، فكيف بمن جاهد بنفسه وماله وأهله، ومن أطاعه في عداوة التوحيد وتقرير الشرك، مع إقراره بمعرفة ما جاء به الرسول؟ فإن لم تكفّروا هؤلاء ومن اتبعهم، ممن عرف أن التوحيد حق وأن ضده الشرك، فأنتم كمن أفتى بانتقاض وضوء من بزغ منه مثل رأس الإبرة من البول، وزعم أن من يتغوط ليلاً ونهاراً، وأفتى للناس أن ذلك لا ينقض، وتبعوه على ذلك حتى يموت، أنه لا ينقض وضوءه.

وتذكرون أني أكفّرهم بالموالاة، وحاشا وكلا، ولكن أقطع أن كفر من عبد قبة أبي طالب لا يبلغ عشر كفر المويس وأمثاله، كما قال تعالى:{ لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ } 2 الآيتين.

وأنا أمثل لك مثالاً، لعـل الله أن ينفعك به، لعلمي أن الفتنة كبيرة، وأنهم يحتجون



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 في المصورة: (سية رجب) وفي المخطوطة: (سنة رجب)، وفي الدرر مثل الأصل .

2 سورة الممتحنة آية: 8.







ص -28- بما تعرفون: منها ما ذكر في الأوراق أنهم لم يقصدوا بحربكم ردّ التوحيد وإحياء الشرك، وإنما قصدوا دفع الشر عن أنفسهم خوف البغي عليهم. فنقول: لو نقدّر أن السلطان ظلم أهل المغرب ظلماً عظيماً في أموالهم وبلادهم، ومع هذا خافوا استيلاءهم على بلادهم ظلماً وعدواناً، ورأوا أنهم لا يدفعونهم إلا باستنجاد الفرنج، وعلموا أن الفرنج لا يوافقونهم إلا أن يقولوا: نحن معكم على دينكم ودنياكم، ودينكم هو الحق ودين السلطان هو الباطل، وتظاهروا بذلك ليلاً ونهاراً، مع أنهم لم يدخلوا في دين الفرنج ولم يتركوا الإسلام بالفعل، لكن لما تظاهروا بما ذكرنا، ومرادهم دفع الظلم عنهم، هل يشك أحد أنهم مرتدون في أكبر ما يكون من الكفر والردة، إذا صرحوا أن دين السلطان هو الباطل، مع علمهم أنه حق، وصرحوا أن دين الفرنج هو الصواب، وأنه لا يتصور أنهم لا يتيهون 1 لأنهم أكثر من المسلمين، ولأن الله أعطاهم من الدنيا شيئاً كثيراً، ولأنهم أهل الزهد والرهبانية.

فتأمل هذا تأملاً جيداً، وتأمل ما صدرتم به الأوراق من موافقتكم به الإسلام، ومعرفتكم بالناقض إذا تحققتموه، وأنه يكون بكلمة ولو لم تُعْتقد، ويكون بفعل ولو لم يتكلم، ويكون في القلب من الحب والبغض ولو لم يتكلم ولم يعمل، تبين لك الأمر، اللهم إلا إن كنتم ذاكرين في أول الأوراق وأنتم تعتقدون خلافه، فذلك أمر آخر. وأما ما ذكرتم من كلام العلماء، فعلى الرأس والعين، ولكن عنه جوابان:

أحدهما: أنكم لو لم تنقلوا كلام ابن عقيل في الفنون، وكلام الشيخ في اقتضاء الصراط المستقيم، وكلام ابن القيم، لقلت: لعلهم مخطئون قائلون بمبلغ



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 في المخطوطة: (ولأنه لا يتصور أنهم يتيهون)، وفي المصورة: (ولا يتصور أنهم يتيهون) .







ص -29- علمهم، هذا كله عندنا في هذه الكتب كما هو عندكم؛ وابن عقيل ذكر أنهم كفار بهذا الفعل، أعني: دعوة صاحب التربة، ودسَّ الرقاع، وأنتم تعلمون ذلك. وأصرح منه: كلام الشيخ في قوله: ومن ذلك ما يفعله الجاهلون بمكة، يا سبحان الله! كيف تركتم صريحه في العبارة بعينها: إن هذا مَن فعله كان مرتداً، وإن المسلم إذا ذبح للزهرة والجن ولغير الله، فهو مما أُهل لغير الله به، وهي أيضا ذبيحة مرتد، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان؛ فصرح أن هذا الرجل إذا ذبح للجن مرة واحدة صار كافراً مرتداً، وجميع ما يذبحه للأكل بعد ذلك لا يحل لأنه ذبيحة مرتد؟

وصرح في مواضع من الكتاب كثيرة، بكفر من فعل شيئاً من الذبح والدعوة، حتى ذكر ثابت بن قرة وأبا معشر البلخي، وذكر أنهم كفار مرتدون وأمثالهم، مع كونهم من أهل التصانيف. وأصرح من الجميع: كلام ابن القيم في كثير من كتبه. فلما نقلتم بعض العبارة، وتركتم بعضها، علمت أنه ليس بجهالة، ولكن الشرهة عليك، لو أنك فاعل كما فعل بعض أهل الحسا، لما صنف بعضهم كتاباً في الرد علينا يريد أن يبعثه، تكلم رجل منهم وقال: أحب ما إلى ابن عبد الوهاب وصول هذا إليه، أنتم ما تستحيون. فتركوا الرسالة.

الجواب الثاني: أنه على سبيل التنـزل، أن الشرك لا يكفر من فعله، أو أنه شرك أصغر، أو أنه معصية غير الكفر، مع أن جميع ما ذكرتم لا يدل على ذلك، فإن أردت بينت لك في غير هذه المرة معاني هذه العبارات من الأدلة من كلام كل رجل، كما بينته لك من كلام الشيخ. لكن أنتم مسلّمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكره ونهى عنه، فلو أن رجلاً أقر بذلك مع كونه لم يفعله، لكنه زينه للناس ورغبهم فيه، أليس هذا كافراً مرتداً؟ ولو قدّرنا







ص -30- أن الأمر الذي كرهه وصد الناس عنه، ما أمر به الرسول إلا أمر استحباب كركعتي الفجر، أو أن الذي نهى عنه ما نهى عنه إلا نهي تنْزيه كأكل بالشمال، والنوم للجنب من غير وضوء، ولو أن رجلاً عرف نهي الرسول، وزعم لأجل غرض من الأغراض أن الأكل بالشمال هو الأحب المرضي عند الله، وأن الأكل باليمين يضر عند الله، وأن الوضوء للجنب إذا أراد النوم يضر عند الله، وأن النوم من غير وضوء أحب إلى الله، مع علمه بما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، أليس هذا كلام كافر مرتد؟ فكيف بمن سب دين الله الذي بعث به جميع الأنبياء مع إقراره ومعرفته به، ومدح دين المشركين الذي بعث الله الأنبياء بإنكاره، ودعا الناس إليه مع معرفته؟ ولكن أرى لك أن تقوم في السحَر، وتدعو بقلب حاضر، بالأدعية المأثورة، وتطرح نفسك بين يدي الله أن يهديك لدينه ودين نبيه عليه السلام، وصلى الله على محمد وآله وسلم.







Surat 2 Syeikh Muhammad bin Abdul Wahhab kepada Muhammad bin Eid

ص -16- 2- الرسالة الثانية :ومنها رسالة إلى محمد بن عيد، مطوع ثرمداء، وكان قد أرسل إليه كتاباً فيه كلام حسن في تقرير التوحيد وغيره، وطلب من الشيخ، رحمه الله، أن يبين له إن كان فيه شيء يخفاه، فكتب له، رحمه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد بن عبد الوهاب، إلى الأخ: محمد بن عبا،د وفقه الله لما يحبه ويرضاه؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد، وصلنا أوراق في التوحيد، بها كلام من أحسن الكلام، وفقك الله للصواب، وتذكر فيه أن ودّك نبين لك إن كان فيها شيء غاترك؛ فاعلم، أرشدك الله، أن فيها مسائل غلط:

الأولى: قولك: أول واجب على كل ذكر وأنثى: النظر في الوجود، ثم معرفة العقيدة، ثم علم التوحيد. وهذا خطأ، وهو من علم الكلام الذي أجمع السلف على ذمه.

وإنما الذي أتت به الرسل: أول واجب: هو التوحيد - ليس النظر في الوجود، ولا معرفة العقيدة، كما ذكرته أنت في الأوراق - أن كل نبي يقول لقومه: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره.

الثانية: قولك في الإيمان بالله وملائكته... إلخ: والإيمان: هو التصديق الجازم بما أتى به الرسول. فليس كذلك، وأبو طالب عمه جازم بصدقه، والذين يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، والذين يقولون: الإيمان هو التصديق الجازم هم الجهمية، وقد اشتد نكير السلف عليهم في هذه المسألة.

الثالثة: قولك: إذا قيل للعامي ونحوه: ما الدليل على أن الله ربك؟ ثم ذكرت ما الدليل على اختصاص العبادة بالله، وذكرت الدليل على توحيد الألوهية.







ص -17- فاعلم أن الربوبية والألوهية يجتمعان ويفترقان، كما في قوله:{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ } 1، وكما يقال: رب العالمين، وإله المرسلين. وعند الإفراد يجتمعان، كما في قول القائل: من ربك؟ مثاله: الفقير والمسكين، نوعان في قوله:{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ } 2، ونوع واحد في قوله: {افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتُرد ّإلى فقرائهم } 3. إذا ثبت هذا، فقول الملكين للرجل في القبر: من ربك؟ معناه: من إلهك؟ لأن الربوبية التي أقرّ بها المشركون ما يمتحن أحد بها، وكذلك قوله:{ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ } 4، وقوله:{ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً } 5، وقـوله:{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } 6، فالربوبية في هذا هي الألوهية، ليست قسيمة لها كما تكون قسيمة لها عند الاقتران. فينبغي التفطن لهذه المسألة. الرابعة: قولك في الدليل على إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: ودليله 7: الكتاب والسنة...، ثم ذكرت الآيات: كلام من لم يفهم المسألة، لأن المنكر للنبوة أو الشاك فيها إذا استدللت عليه بالكتاب والسنة، يقول كيف تستدل عليّ بشيء ما أتى به إلا هو؟ والصواب في المسألة أن تستدل عليه بالتحدي بأقصر سورة من القرآن، أو شهادة علماء أهل الكتاب، كما في قوله



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الناس الآية: 1-3.

2 سورة التوبة آية: 60.

3 لبخاري: الزكاة (1395, 1458, 1496) والمظالم والغصب (2448) والمغازي (4347) والتوحيد (7371, 7372), ومسلم: الإيمان (19), والترمذي: الزكاة (625), والنسائي: الزكاة (2435), وأبو داود: الزكاة (1584), وابن ماجة: الزكاة (1783), وأحمد (1/233), والدارمي: الزكاة (1614).

4 سورة الحج آية: 40.

5 سورة الأنعام آية: 164.

6 سورة فصلت آية: 30، والأحقاف آية: 13.

7 المخطوطة والمصورة بدون (واو) .







ص -18- { أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ } 1، أو لكونهم يعرفونه قبل أن يخرج، كما في قوله تعالى:{ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا } 2 الآية، إلى غير ذلك من الآيات التي تفيد الحصر، وتقطع الخصم.

الخامسة: قولك: اعلم يا أخي، لا علمت مكروهاً. فاعلم: أن هذه كلمة تضاد التوحيد؛ وذلك أن التوحيد لا يعرفه إلا من عرف الجاهلية، والجاهلية هي المكروه. فمن لم يعلم المكروه، لم يعلم الحق. فمعنى هذه الكلمة: اعلم، لا علمت خيراً، ومن لم يعلم المكروه ليجتنبه، لم يعلم المحبوب. وبالجملة، فهي كلمة عامية جاهلية، ولا ينبغي لأهل العلم أن يقتدوا بالجهال.

السادسة: جزمك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اطلبوا العلم ولو من الصين "، فلا ينبغي أن يجزم الإنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يعلم صحته، وهو من القول بلا علم. فلو أنك قلت: ورُوي، أو ذكر فلان، أو ذُكر في الكتاب الفلاني، لكان هذا مناسباً؛ وأما الجزم بالأحاديث التي لم تصح فلا يجوز. فتفطن لهذه المسألة، فما أكثر من يقع فيها!

السابعة: قولك في سؤال الملكين: والكعبة قبلتي، وكذا وكذا. فالذي علمناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهما يسألان عن ثلاث: عن التوحيد، وعن الدين، وعن محمد صلى الله عليه وسلم. فإن كان في هذا عندكم رابعة، فأفيدونا؛ ولا يجوز الزيادة على ما قال الله ورسوله.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الشعراء آية: 197.

2 سورة البقرة آية: 89.







ص -19- الثامنة: قولك في الإيمان بالقدر: إنه الإيمان بأن لا يكون صغير ولا كبير إلا بمشيئة الله وإرادته، وأن يفعل المأمورات ويترك المنهيات. وهذا غلط، لأن الله سبحانه له الخلق والأمر، والمشيئة والإرادة، وله الشرع والدين. إذا ثبت هذا، ففعل المأمورات وترك المنهيات هو الإيمان بالأمر، وهو الإيمان بالشرع والدين، ولا يذكر في حد الإيمان بالقدر.

التاسعة: قولك 1: الآيات التي في الاحتجاج بالقدر، كقوله تعالى:{ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } 2 الآية، ثم قلت: فإياك والاقتداء بالمشركين في الاحتجاج على الله! وحسبك من القدر الإيمان به. فالذي ذكرنا 3 في تفسير هذه الآيات غير المعنى الذي أردت، فراجعه وتأمله بقلبك. فإن اتضح لك، وإلا فراجعني فيه، لأنه كلام طويل.

العاشرة: وأخرناها لشدة الحاجة إليها: قولك: إن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقروا بتوحيد الربوبية. ثم أوردت الأدلة الواضحة على ذلك: وإنما قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند توحيد الألوهية؛ ولم يدخل الرجل في الإسلام بتوحيد الربوبية إلا إذا انضم إليه توحيد الألوهية. فهذا كلام من أحسن الكلام وأبينه تفصيلاً، ولكن العام، لما وجّهنا 4 إليه إبراهيم، كتبوا له علماء سدير مكاتبة، وبعثها لنا وهي عندنا الآن، ولم يذكروا فيها إلا توحيد الربوبية، فإذا كنت تعرف هذا، فلأي شيء ما أخبرت إبراهيم ونصحته؟ إن هؤلاء ما عرفوا التوحيد، وإنهم منكرون



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 في المصورة: (إيرادك) .

2 في المصورة زيادة: (نحن ولا آباؤنا)، والآية 35 من سورة النّحل.

3 في المصورة: (فالذي ذكر) بدون (نا) .

4 في المصورة: (واجهنا) .







ص -20- دين الإسلام. وكذلك أحمد بن يحيى راعي رغبة عداوته لتوحيد الألوهية والاستهزاء بأهل العارض لما عرفوه، وإن كان يقرُّ به أحياناً عداوة ظاهرة لا يمكن أنها لا تبلغك. وكذلك ابن إسماعيل، إنه نقض ما أبرمت في التوحيد، وتعرف أن عنده الكتاب الذي صنفه رجل من أهل البصرة، كله من أوله إلى آخره في إنكار توحيد الألوهية، وأتاكم به ولد محمد بن سليمان راعي وثيثية، وقرأه عندكم وجادل به جماعتنا؛ وهذا الكتاب مشهور عند المويس وأتباعه، مثل ابن سحيم وابن عبيد، يحتجون به علينا ويدعون الناس إليه، ويقولون: هذا كلام العلماء.

فإذا كنت تعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قاتل الناس إلا عند توحيد الألوهية، وتعلم أن هؤلاء قاموا وقعدوا، ودخلوا وخرجوا، وجاهدوا ليلاً ونهاراً في صد الناس عن التوحيد، يقرؤون عليهم مصنفات أهل الشرك، لأي شيء لم تظهر عداوتهم وأنهم كفار مرتدون؟ فإن كان باين لك أن أحداً من العلماء لا يكفّر من أنكر التوحيد، أو أنه يشك في كفره، فاذكره لنا وأَفِدْنا. وإن كنت تزعم أن هؤلاء فرحوا بهذا الدين وأحبوه، ودعوا الناس إليه، ولما أتاهم تصنيف أهل البصرة في إنكار التوحيد كفّروه وكفّروا من عمل به، وكذلك لما أتاهم كتاب ابن عفالق الذي أرسله المويس لابن إسماعيل، وقدم به عليكم العام، وقرأه على جماعتكم؛ يزعم فيه أن التوحيد دين ابن تيمية، وأنه لما أفتى به كفّره العلماء وقامت عليه القيامة، إن كنت تقول ما جرى من هذا شيء فهذا مكابرة. وإن كنت تعرف أن هذا هو الكفر الصراح، والردة الواضحة، ولكن تقول: أخشى الناس، فالله أحق أن تخشاه. ولا تظن أن كلامي هذا معاتبة وكلام عليك، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنه نصيحة، لأن كثيراً ممن واجهناه وقرأ علينا، يتعلم هذا ويعرفه بلسانه،







ص -21- فإذا وقعت المسألة لم يعرفها؛ بل إذا قال له بعض المشركين: نحن نعرف أن رسول الله لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، وأن النافع الضار هو الله، يقول: جزاك الله خيراً، ويظن أن هذا هو التوحيد؛ ونحن نعلّمه أكثر من سنة: أن هذا هو توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون. فالله الله في التفطن لهذه المسألة! فإنها الفارقة بين الكفر والإسلام. ولو أن رجلاً قال: شروط الصلاة تسعة، ثم سردها كلها، فإذا رأى رجلاً يصلي عرياناً بلا حاجة، أو على غير وضوء، أو لغير القبلة، لم يدر أن صلاته فاسدة، لم يكن قد عرف الشروط، ولو سردها بلسانه.

ولو قال: الأركان أربعة عشر، ثم سردها كلها، ثم رأى من لا يقرأ الفاتحة، ومن لا يركع، ومن لا يجلس للتشهد، ولم يفطن أن صلاته باطلة، لم يكن قد عرف الأركان، ولو سردها. فالله الله في التفطن لهذه المسألة! ولكن أشير عليك بعزيمة أنك تواصلنا 1، ونتذاكر معك. وكذلك أيضاً من جهة البدع، قيل لي: إنك تقول فيها شيئاً ما يقوله الذي هو عارف مسألة البدع، وصلى الله على محمد وآله وسلم.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 في المصورة والمخطوطة (تاصلنا) .



Surat 1 Syeikh Muhammad bin Abdul Wahhab kepada penduduk al-Qasim

ص -8- القسم الأول: عقيدة الشيخ وبيان حقيقة دعوته ورد ما ألصق به من التهم

-1- الرسالة الأولى :رسالة الشيخ إلى أهل القصيم لما سألوه عن عقيدته

بسم الله الرحمن الرحيم

أشهد الله، ومن حضرني من الملائكة، وأشهدكم، أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة: من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل؛ بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير. فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيّف، ولا أمثّل صفاته تعالى بصفات خلقه، لأنه تعالى لا سميَّ له، ولا كفء له، ولا نِدّ له، ولا يقاس بخلقه. فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً؛ فنَزّه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل، فقال:{ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } 1. والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى، بين القدرية والجبرية، وهم في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية، وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية، وهم وسط في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الصافات آية: 180-182.







ص -9- وأعتقد أن القرآن كلام الله، منَزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنه تكلم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله، وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وأومن بأن الله فعّال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره؛ ولا محيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور.

وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت: فأومن بفتنة القبر ونعيمه، وبإعادة الأرواح إلى الأجساد؛ فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة عراة غرلاً، تدنو منهم الشمس، وتنصب الموازين وتوزن بها أعمال العباد،:{ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } 1، وتنشر الدواوين، فآخذٌ كتابه بيمينه ،وآخذٌ كتابه بشماله.

وأومن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً.

وأومن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم، يمر به الناس على قدر أعمالهم.

وأومن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أول شافع وأول مشفع، ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال؛ ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضى، كما قال تعالى:{ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّض لِمَنِ ارْتَضَى } 2، وقال تعالى:{ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة المؤمنون آية: 102-103.

2 سورة الأنبياء آية: 28.







ص -10- إِلاَّ بِإِذْنِهِ } 1، وقال تعالى:{ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى } 2؛ وهو لا يرضى إلا التوحيد، ولا يأذن إلا لأهله، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب، كما قال تعالى:{ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } 3.

وأومن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان، وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة كما يرون القمر ليلة البدر، لا يضامون في رؤيته.

وأومن بأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته، وأن أفضل أمته: أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم.

وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر محاسنهم، وأترضى عنهم، وأستغفر لهم، وأكف عن مساويهم، وأسكت عما شجر بينهم، وأعتقد فضلهم عملاً بقوله تعالى:{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } 4، وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء.

وأقرّ



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة آية: 255.

2 سورة النجم آية: 26.

3 سورة المدثر آية: 48.

4 سورة الحشر آية: 10.







ص -11- بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئاً، ولا يُطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله. ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أرجو للمحسن وأخاف على المسيء، ولا أكفّر أحداً من المسلمين بذنب، ولا أخرجه من دائرة الإسلام. وأرى الجهاد ماضياً مع كل إمام براً كان أو فاجراً، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل. وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله. ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس، ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة، وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه.

وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله. وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة.

وأعتقد أن الإيمان: قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؛ وهو بضع وسبعون شعبة، أعلاها: شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق. وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة.

فهذه عقيدة وجيزة، حررتها وأنا مشتغل البال، لتطلعوا على ما عندي. والله على ما نقول وكيل.

ثم لا يخفى عليكم، أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم قد وصلت إليكم، وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم؛ والله يعلم أن الرجل







ص -12- افترى عليَّ أموراً لم أقلها، ولم يأت أكثرها على بالي.

فمنها: قوله: إني مبطل كتب المذاهب الأربعة، وإني أقول: إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وإني أدعي الاجتهاد، وإني خارج عن التقليد، وإني أقول: إن اختلاف العلماء نقمة، وإني أكفّر من توسل بالصالحين، وإني أكفّر البوصيري لقوله: يا أكرم الخلق، وإني أقول: لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها، ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزاباً من خشب، وإني أحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وإني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما، وإني أكفّر من حلف بغير الله، وإني أكفّر ابن الفارض وابن عربي، وإني أحرق دلائل الخيرات وروض الرياحين وأسميه روض الشياطين.

جوابي عن هذه المسائل، أن أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم! وقبله من بهت محمداً صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى بن مريم ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب وقول الزور.

قال تعالى:{ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ } 1 الآية، بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول: إن الملائكة وعيسى وعزيراً في النار، فأنزل الله في ذلك:{ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } 2.

وأما المسائل الأخر، وهي: أني أقول: لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى "لا إله إلا الله"، وأني أعرّف من يأتيني بمعناها، وأني أكفّر الناذر إذا أراد بنذره التقرب لغير الله، وأخذ النذر لأجل ذلك، وأن الذبح لغير الله كفر والذبيحة حرام، فهذه المسائل حق، وأنا قائل بها. ولي عليها دلائل من كلام الله



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النحل آية: 105.

2 سورة الأنبياء آية: 101.







ص -13- وكلام رسوله، ومن أقوال العلماء المتبعين كالأئمة الأربعة. وإذا سهل الله تعالى، بسطت الجواب عليها في رسالة مستقلة، إن شاء الله تعالى.

ثم اعلموا وتدبروا قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ } 1 الآية.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الحجرات آية: 6.







Pengantar Jawatankuasa pengumpulan buku Syeikh Muhammad bin Abdul Wahhab

الرسائل الشخصية



ص -3- القسم الخامس: الرسائل الشخصية

تأليف: الإمام محمد بن عبدالوهاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه.

وبعد، فقد كلفتنا لجنة الإعداد لأسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، بمراجعة رسائله التي وجهها إلى أشخاص معينين أو إلى جماعة المسلمين، يشرح فيها حقيقة ما هو عليه، ويبين منهجه في الدعوة، ويرد على ما يوجه إليه من تهم من قبل خصومه؛ فقمنا بذلك بتيسير الله، واعتمدنا على أصل الرسائل الموجود ضمن تاريخ الشيخ حسين بن غنام الأحسائي، باعتباره ممن التقى بالشيخ وأخذ عنه واستفاد منه، وقابلنا هذا الأصل بما تيسر لنا من النسخ وهي:

1- نسخة مخطوطة لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح المرشد، بخط والده، رحمه الله.

2- مصورة عن نسخة الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، رحمهم الله؛ وهذه النسخة توجد في المكتبة السعودية بالرياض برقم 592-86.

3- الدرر السنية في الأجوبة النجدية، جمع الشيخ عبد الرحمن بن قاسم.

وهناك رسائل وجدناها في الدرر السنية، وفي مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، طبعة المنار، لم تكن موجودة في أصل ابن غنام، فأضفناها إليه تكملة للفائدة.

 
ص -4- وقد قسمنا تلك الرسائل إلى خمسة أقسام، بحسب مواضيعها ووضعنا في كل قسم ما يناسبه منها على وجه التقريب؛ وهذه الأقسام كما يلي:

1- القسم الأول: في بيان عقيدة الشيخ وحقيقة دعوته، ورد ما ألصق به من التهم الباطلة.

2- القسم الثاني: بيان أنواع التوحيد.

3- القسم الثالث: بيان معنى "لا إله إلا الله"، وبيان ما يناقضها من الشرك في العبادة.

4- القسم الرابع: ببان الأشياء التي يكفر مرتكبها ويجب قتاله، والفرق بين فهم الحجة وقيام الحجة.

5- القسم الخامس: توجيهات عامة للمسلمين في الاعتقاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقد ذكرنا في أول كل رسالة، المصادر التي توجد فيها تلك الرسالة، واحتفظنا بذكر عددها التسلسلي العام، ووضعنا لها رقمًا تسلسليًا خاصًا حسب موقعها في قسمها الخاص، كما قمنا بترقيم الآيات في أسفل الصفحات.

هذا، ونرجو الله أن يوفق المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

صالح بن فوزان ومحمد العليقي







Tajuk kitab Surat Syeikh Muhammad bin Abdul Wahhab


عنوان الكتاب:



الرسائل الشخصية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الجزء السادس)



تأليف:



محمد بن عبدالوهاب بن سليمان التميمي



دراسة وتحقيق:



صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان، محمد بن صالح العيلقي



الناشر:



جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية